لماذا يحقد عون الأمن التونسي على المستضعفين ؟
عادة ما يكون تناول مسائل التعذيب
والإعتداء على كرامة المواطن من طرف أعوان الامن بمناهج تسطيحية من خلال
ربطها بالبنى الفوقية للديكتاتورية، وفي أقصى الحالات ربطها بغياب الضمانات
القانونية والحقوقية. ومن حين لآخر يطلّ علينا أحد العباقرة لينادي بضرورة
تطوير مناهج وبرامج تكوين الأمنيين في مسائل حقوق الإنسان والقانون.
المسألة أعمق من هذا بكثير باعتبارها مرتبطة ببنى وديناميات إجتماعية متخلفة تتفاعل في ما بينها وينتج بعضها البعض.
ما يقوم به أعوان الأمن من تعذيب وإعتداء على كرامة المواطن هو نتاج طبيعي لحالة اجتماعية سائدة. فما يقوم به عون الأمن قد يبدو سلوكا غير قانوني وشاذ، وقد يبدو اعتداء على حقوق الإنسان وقد يبدو سلوكا وحشيا ... إلخ ... هذا صحيح. لكن ماهي الأسباب العميقة التي أنتجت هذه السلوكيات ؟
قبل الدخول في التفاصيل من الواجب وضع عون الأمن في إطاره النفسي والإجتماعي والسياسي. فأعوان الأمن يقع اختيارهم من ذوي المستوى التعليمي المتواضع نسبيا وهم في أغلب الأحيان ينتمون إلى طبقة إجتماعية مسحوقة أو متوسطة جدا في أحسن الأحوال.
عون الأمن هو في الواقع شاب لم يفلح في تجاوز مستوى التعليم الثانوي أو أنه درس في الجامعة ولم يكمل تعليمه لسبب أو لآخر. وهو في العادة ينتمي إلى وسط إجتماعي متواضع أو متوسط جدا في أفضل الأحوال. وعون الأمن كذلك هو شاب عاش مرحلة، بهذا القدر او ذاك، من القهر والإضطراب من جراء فشله أو انقطاعه عن التعليم. وعون الأمن أيضا يقع تمكينه من مرتّب متواضع نسبيا. وبالتوازي مع هذه المعطيات يكون لعون الأمن امتيازات من حيث أنه يمثل السلطة و"الحكم" في المجتمع. ففي المجتمعات المتقدمة يسمى الشرطي "حافظ أمن" أما في المجتمعات المتخلفة كالمجتمع التونسي يطلق على الشرطي مصطلح "حاكم".
- مرتب منخفض نسبيا مع امتيازات "سلطوية" مدروسة ومضبوطة من طرف أصحاب القرار، تولّد حتميا شخصية غريبة يصعب تحليلها وضبط سلوكها باعتبارها خاضعة لديناميات معقدة وغامضة متعلقة بجدلية العلاقة والتفاعل بين المال والسلطة.
- شخصية خضعت سابقا للقهر الاجتماعي واكتسبت عقدة تدني المستوى التعليمي، تجد نفسها في حالة "مادية" متدنية لكنها أفضل نسبيا بمرتب منخفض، مع امتيازات كبيرة ومقننة ومدروسة من طرف أصحاب القرار في "الحكم" و"السلطة" و "الصلاحيات" في التعامل مع المواطنين.
ما يقوم به أعوان الامن في المجتمعات المتخلفة هو سلوك أطلق عليه علماء الإجتماع "التماهي بعدوان المتسلط". فالشرطي الذي كان مستضعفا ومقهورا قبل دخول سلك الشرطة يتحول من إنسان مهدد إلى مستبد يتشفى ممن ما زالوا مستضعفين، فيصب عليهم كل حقده المتراكم في حالة من التنكر التام لانتمائه الأصلي. فإهانة كرامة المواطن والتلذذ في عملية التعذيب والإيذاء الجسدي أثناء التحقيق هو ضرب من التشفي وإفراغ للعدوانية نتيجة القهر الذي تعرض له أعوان الامن قبل احتلال مناصبهم كأدوات للسلطة. وأصحاب السلطة والنفوذ في المجتمع المتخلف يشجعون هذه الممارسات لأنها السبيل الناجع لإخضاع المواطن من خلال تهديد كرامته وحرمته الجسدية بحيث يستكين ويهادن الوضع القائم.
ما تعيشه تونس هذه الأيام من تعذيب في السجون، وما نسمع به من حين لآخر من حالات وفاة في مراكز الإعتقال، هو دليل على أن ديناميات السلطة ما زالت متركزة على القمع والقهر وحراسة المعبد الطبقي القديم...
المسألة أعمق من هذا بكثير باعتبارها مرتبطة ببنى وديناميات إجتماعية متخلفة تتفاعل في ما بينها وينتج بعضها البعض.
ما يقوم به أعوان الأمن من تعذيب وإعتداء على كرامة المواطن هو نتاج طبيعي لحالة اجتماعية سائدة. فما يقوم به عون الأمن قد يبدو سلوكا غير قانوني وشاذ، وقد يبدو اعتداء على حقوق الإنسان وقد يبدو سلوكا وحشيا ... إلخ ... هذا صحيح. لكن ماهي الأسباب العميقة التي أنتجت هذه السلوكيات ؟
قبل الدخول في التفاصيل من الواجب وضع عون الأمن في إطاره النفسي والإجتماعي والسياسي. فأعوان الأمن يقع اختيارهم من ذوي المستوى التعليمي المتواضع نسبيا وهم في أغلب الأحيان ينتمون إلى طبقة إجتماعية مسحوقة أو متوسطة جدا في أحسن الأحوال.
عون الأمن هو في الواقع شاب لم يفلح في تجاوز مستوى التعليم الثانوي أو أنه درس في الجامعة ولم يكمل تعليمه لسبب أو لآخر. وهو في العادة ينتمي إلى وسط إجتماعي متواضع أو متوسط جدا في أفضل الأحوال. وعون الأمن كذلك هو شاب عاش مرحلة، بهذا القدر او ذاك، من القهر والإضطراب من جراء فشله أو انقطاعه عن التعليم. وعون الأمن أيضا يقع تمكينه من مرتّب متواضع نسبيا. وبالتوازي مع هذه المعطيات يكون لعون الأمن امتيازات من حيث أنه يمثل السلطة و"الحكم" في المجتمع. ففي المجتمعات المتقدمة يسمى الشرطي "حافظ أمن" أما في المجتمعات المتخلفة كالمجتمع التونسي يطلق على الشرطي مصطلح "حاكم".
- مرتب منخفض نسبيا مع امتيازات "سلطوية" مدروسة ومضبوطة من طرف أصحاب القرار، تولّد حتميا شخصية غريبة يصعب تحليلها وضبط سلوكها باعتبارها خاضعة لديناميات معقدة وغامضة متعلقة بجدلية العلاقة والتفاعل بين المال والسلطة.
- شخصية خضعت سابقا للقهر الاجتماعي واكتسبت عقدة تدني المستوى التعليمي، تجد نفسها في حالة "مادية" متدنية لكنها أفضل نسبيا بمرتب منخفض، مع امتيازات كبيرة ومقننة ومدروسة من طرف أصحاب القرار في "الحكم" و"السلطة" و "الصلاحيات" في التعامل مع المواطنين.
ما يقوم به أعوان الامن في المجتمعات المتخلفة هو سلوك أطلق عليه علماء الإجتماع "التماهي بعدوان المتسلط". فالشرطي الذي كان مستضعفا ومقهورا قبل دخول سلك الشرطة يتحول من إنسان مهدد إلى مستبد يتشفى ممن ما زالوا مستضعفين، فيصب عليهم كل حقده المتراكم في حالة من التنكر التام لانتمائه الأصلي. فإهانة كرامة المواطن والتلذذ في عملية التعذيب والإيذاء الجسدي أثناء التحقيق هو ضرب من التشفي وإفراغ للعدوانية نتيجة القهر الذي تعرض له أعوان الامن قبل احتلال مناصبهم كأدوات للسلطة. وأصحاب السلطة والنفوذ في المجتمع المتخلف يشجعون هذه الممارسات لأنها السبيل الناجع لإخضاع المواطن من خلال تهديد كرامته وحرمته الجسدية بحيث يستكين ويهادن الوضع القائم.
ما تعيشه تونس هذه الأيام من تعذيب في السجون، وما نسمع به من حين لآخر من حالات وفاة في مراكز الإعتقال، هو دليل على أن ديناميات السلطة ما زالت متركزة على القمع والقهر وحراسة المعبد الطبقي القديم...
هدفنا ليس "تشويه سمعة" أعوان الأمن
والانسياق وراء الشتائم الهستيرية، بل هدفنا هو تسمية الأشياء بمسمياتها
سعيا نحو تحقيق غد أفضل لأعوان الأمن والتونسيين ...
يوسف بلحاج رحومة
غرد لأصحابك في تويتر :) غرد
شارك عبر جوجل بلس ;)
شير علي الفيس بوك ( )
Follow @tunimedia