عبد الباري عطوان : امارة الشعانبي الاسلامية التونسية تحاكي زميلتها في الرقة والموصل..

“امارة” جبل الشعانبي الاسلامية التونسية تحاكي زميلتها في الرقة والموصل.. والفوضى الدموية في ليبيا تنعكس “ارهابا” في تونس.. والعائدون من سوريا يزيدون الازمة تعقيدا

 

العائدون من تونس هذه الايام يتحدثون عن تحسن الاوضاع الامنية في البلاد في ظل حكومة التكنوقراط والاجراءات التي اتخذتها لضبط الامن، مثلما يتحدثون ايضا عن حدوث زيادة ملحوظة في اعداد السياح الاجانب كنتيجة اولية سريعة لهذا التحسن، لكن اقدام مسلحين محسوبين على تنظيم “القاعدة” في بلاد المغرب الاسلامي مساء الاربعاء على قتل 14 جنديا تونسيا في جبل الشعانبي قرب الحدود مع الجزائر القى بظلال الحزن على وجه التونسيين شعبا وحكومة.

وزارة الثقافة التونسية قررت الخميس تأجيل العروض الفنية المقررة لمدة ثلاثة ايام في اطار اعلان رئاسة الجمهورية الحداد الوطني اعتبارا من اليوم وحتى مساء السبت المقبل.

وتشهد تونس عادة مهرجانات غنائية وفنية متعددة في شهري الصيف تشارك فيها فوق فنية ونجوم من مختلف انحاء الدول العربية والعالم ابرزها مهرجان قرطاج.

دول الاتحاد المغاربي تواجه “مشكلة ارهابية” ضخمة تهدد امنها واستقرارها منذ سنوات عديدة ازدادت خطورة بسبب حالة الفوضى الدموية المتفاقمة في ليبيا ومنطقة الساحل الافريقي حيث تتواجد جماعات اسلامية متشددة لها قواعد في المنطقة، واتخذتها منطلقا لنشاطها.

واستضافت تونس قبل يومين اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار الليبي (تونس والجزائر ومصر وتشاد والنيجر) لبحث خطورة انهيار الاوضاع المتشددة، ولكن الاجتماع الذي يعتبر الاول من نوعه وغاب عنه وزير الخارجية الليبي لتعذر وصوله اثر المعارك الطاحنة التي ادت الى اغلاق مطار طرابلس الدولي ومعظم المطارات الليبية الاخرى، هذا الاجتماع لم يحقق نتائج ملموسة، باستثناء تشكيل لجنتين واحدة سياسية برئاسة مصر، واخرى امنية برئاسة الجزائر.

وجود اكثر من 50 مليون قطعة سلاح من مختلف الاحجام والانواع في ليبيا جرى الاستيلاء عليها من مخازن النظام الليبي السابق التي جرى تركها مفتوحة للجماعات الاسلامية وغيرها وضع تونس وامنها واستقرارها امام ظرف حرج للغاية، خاصة انها لا تملك القدرات العسكرية والامنية الكافية لمواجهة هذا الخطر.

ويشكل جبل الشعانبي الذي تزيد مساحته عن مئة كيلومتر مربع معظمها مغطاة بغابات كثيفة نقطة جذب للجماعات المتشددة التي تريد تحويله الى “امارة اسلامية” مستقلة بذاتها عن الدولة التونسية، وتكون على غرار “امارة الرقة” التي اقامها تنظيم “الدولة الاسلامية” في شرق سورية.

واذا كانت المواجهات الاخيرة التي ادت الى مقتل 14 من افراد الجيش هي الاخطر في تاريخ تونس، فان خبراء امنيين يتوقعون المزيد من الصدامات بعد بدء عودة جهاديين تونسيين قاتلوا في اطار تنظيمي “النصرة” و”الدولة الاسلامية” في جبهات القتال السورية بهدف اطاحة النظام السوري.

ويقدر عدد المقاتلين السوريين في اطار هاتين المنظمتين اكثر من ثلاثة آلاف مقاتل، واضطرت السفارة التونسية الى اعادة فتح سفارتها في دمشق لرعاية شؤون هؤلاء ولكن تحت اسم مكتب في محاولة من جانبها بعدم الظهور بمظهر التراجع عن قرارها باغلاق السفارة، عندما اتخذت الرئاسة والحكومة التونسية معا هذا القرار، والقتا بثقلهما خلف المعارضة السورية المسلحة من خلال تشجيع سفر الجهاديين التونسيين الى سورية عبر تركيا، واستضافة تونس اول اجتماع لوزراء خارجية منظومة اصدقاء سورية بطلب رسمي من تركيا وقطر ومباركة امريكية.

التحدي الامني الذي تواجهه تونس على درجة كبيرة من الخطورة، ويتطلب جهودا ضخمة وتنسيق واسع مع دول الجوار لمواجهته والحد من تكاليفه البشرية والمالية الباهظة، خاصة ان الجماعات الاسلامية المتشددة التي تقف خلف المواجهات الدموية ضد قوات الجيش التونسي اعلنت الحرب بلا هوادة، وارسلت رسالة مغرقة في دمويتها الى السيد لطفي بن جدو وزير الداخلية عندما نفذت محاولة فاشلة لاغتياله ادت الى مقتل اربعة جنود من حراسه في 28 من شهر ايار (مايو) الماضي، اتهمت فيها النظام التونسي “بشن حرب مفتوحة على الاسلام واهلة ارضاء لامريكا وفرنسا والجزائر”.

الشعب التونسي موحد خلف قواته المسلحة في مواجهة هذا الخطر الذي يحيط ببلاده من الاتجاهات، وهو يستحق الدعم من كل الاشقاء والاصدقاء.

تدخل حلف “الناتو” في ليبيا يتحمل في رأينا المسؤولية الاكبر عن كل هذه المصائب التي حلت وتحل بدول الاتحاد المغاربي، وهذا لا يعني ان النظام الليبي السابق لم يكن نظاما ديكتاتوريا قمعيا، لان هذا التدخل حول ليبيا الى دولة فاشلة بل مغرقة في فشلها لم يحسب حسابا لما يمكن ان يترتب على هذا التدخل من ازمات وتعقيدات عليها وعلى دول الجوار الليبي.

“راي اليوم”

 

 

للتعليق علي الموضوع




غرد لأصحابك في تويتر :)

شارك عبر جوجل بلس ;)


شير علي الفيس بوك ( )

علي تويتر
علي الفيس

تونس للصحافة و الاعلام كل الحقوق محفوظة لعام 2014