فوضى...اعتداءات جنسية و "قمار" في سجون تونس...ما الحكاية؟


تونس/الإخباريّة/أخبار وطنيّة : هدى هوّاشي
تجاوزات بالجملة متفاوتة الخطورة تحصل في السّجون التّونسيّة، منها ما هو متعلّق بالاعتداءات الجنسيّة ومنها ما هو متعلّق بالاعتداءات الجسديّة ومنها ما هو متعلّق بالقمار...، هذا ما أكّده بعض السّجناء المتحصّلين على عفو تشريعي عامّ من سجن النّاظور في تصريح لـ "الإخباريّة"، حيث بيّن أحدهم أنّه عاش في السّجن أكثر من 20 سنة أكثر ممّا عاش خارجا ومرّ بعديد السّجون قبل أن يستقرّ بسجن النّاظور، ولهذا فهو يعلم جيّدا ماذا يحصل داخل السّجون من تجاوزات تحصل من قبل المساجين، كما يعرف أساليب التّعذيب التّي تسلّط على المساجين من قبل الأعوان.
وأكّد هذا المسجون السّابق والذي خيّر عدم الكشف عن اسمه لأمور أمنيّة -حيث أنّه تعرّض إلى كثير من الاعتداءات من قبل أعوان الأمن بسبب تصريحاته اللاّذعة للإعلام- أنّ الاعتداءات الجنسيّة موجودة في السّجن، لكن لا أحد يجرؤ على الحديث عن هذا الموضوع، مع الإشارة إلى أنّنا لاحظنا من خلاله حديثه أنّه قد يكون ضمن المعتدين جنسيّا على زملائهم في السّجن، حيث أبرز في أكثر من مرّة أنّ "القويّ" وصاحب الكلمة النّافذة في السّجن يمارس كلّ الوسائل المشروعة وغير المشروعة على زملائه (وقد تحدّث في هذا الإطار عن جبروته وكلمته المسموعة في السّجن الشّيء الذي جعلهم يهابونه وإلاّ لتمّ الاعتداء عليه جنسيّا مثل كثير من الأشخاص) من ذلك الاعتداءات الجنسيّة التّي تمارس في المرحاض أوفي بيت الاستحمام أثناء اللّيل، بعد نوم الجميع وفي غفلة من الحرّاس الذين ينامون أو ينشغلون بأعمال أخرى في صورة تأكّدهم من نوم الجميع.
اعتداءات جسديّة إلى جانب الجنسيّة
من جهة أخرى، أفاد محدّثنا أنّ الاعتداءات الجسديّة من قبل السّجناء تحصل في كثير من الأحيان، غير أنّ هذه الحالات يتمّ السّيطرة عليها بتدخّل المساجين أو الأعوان، مؤكّدا أنّه يتمّ في هذا الإطار معاقبة المعتدين بوضعهم في السّجن الانفرادي أو بحرمانهم من الزّيارة ومن القفّة أو بمحاكمتهم (حسب درجة التّجاوز). كما أشار نفس المصدر إلى أنّ التّعذيب في السّجون كان موجودا في عهد بن علي، ولا يمكن إنكاره وقد كشف لنا عن عديد الآثار في جسده جرّاء ربطه بالسّلاسل في ساقيه، بسبب رفضه نقل أخبار المساجين الإسلاميين، مبرزا أنّ تعذيبه لم يقتصر على ربطه بالسّلاسل بل شمل أيضا عزله بـ "قبو" بالنّاظور شديد الظّلمة والرّطوبة ومليء بالجرذان إذا لم تترك له أكلك المتمثّل في نصف خبزة يأكل أحد أعضائك على حدّ تعبيره، هذا إلى جانب تعريته تماما في فصل الشّتاء وتركه خارجا للبرد والمطر...
وفي سياق أخر، بيّن محدّثنا إلى أنّه إلى جانب هذه التّجاوزات، توجد أشياء أخرى أقلّ خطورة لكنّها تتسبّب في كثير من الأحيان في مشاكل كبيرة على غرار القمار الذي يتمّ خلسة أثناء لعب بعض الألعاب الفكريّة "الشطرنج" و"السكرابل" و"الدّامّة"...التي توفّرها لهم إدارة السّجن والذي يتمّ عبرها ربح بعض المبالغ الماليّة أو بعض الموّاد الاستهلاكية التّي تكون بحوزة أحد اللاّعبين، مضيفا أنّ هذه الألعاب تتسبّب في بعض الأحيان في اعتداءات جسديّة أو لفظيّة بين عدّة أطراف في صورة عدم إيفاء أحدهم بالمبلغ المالي الذي لعبوا من أجله.
حالات نادرة لكنّها موجودة
وحول هذا الموضوع، أكّد المقدّم المتقاعد عماد العجمي الذي كان مكلّفا سابقا بالقيادة في الإدارة العامّة للسّجون في تصريح لـ "الإخباريّة" بخصوص الاعتداءات الجنسيّة في السّجون أنّها تبقى حالات نادرة ويمكن التّفطّن إليها بمجرّد وقوعها، حيث أنّ العمل في السّجون يرتكز أساسا على المعلومات وعلى إستراتيجية مدروسة ترتكز أساسا على الاستقصاء، حتّى لا تقع مثل هذه الجرائم داخل السّجون، مضيفا إدارة السّجون تقوم بتصنيف المسجونين حسب الجنس والسّنّ وحسب نوعيّة الجريمة، كما أنّ الذين ثبت أنّ لديهم مشاكل جنسيّة أو قاموا بعمليّات اغتصاب يتمّ وضعهم بقسم خاصّ بهم مع مراقبة نفسيّة وأمنيّة حتّى لا تحصل مثل هذه الاعتداءات.
وفي نفس الإطار، أفاد مصدرنا أنّه للحدّ من مثل هذه التّجاوزات، تقوم إدارة السّجون ببرامج توعويّة في هذا الشّأن، علاوة على اعتماد آليّات مراقبة مستمرّة خلال اللّيل (كلّ نصف ساعة) من قبل الأعوان من خلال فتحة الباب الصّغيرة، مضيفا أنّه حتّى في صورة عدم تفطّن الأعوان بمثل هذه التّجاوزات، فإنّ المساجين في حدّ ذاتهم يقومون بالإشتكاء بزملائهم في صورة تفطّنهم لمثل هذه الممارسات من منطلق أنّ ذلك يمسّ من "رجولتهم".
وعن القمار داخل السّجون، أفاد نفس المصدر أنّ لعب "الرامي" و"الشكبّة" و"البيلوط" ممنوعة في السّجون، غير أنّه تمّ تعويضها ببعض الألعاب الفكريّة على غرار الشّطرنج و"السيكرابل"...، لكن بعض السّجناء يستغلّون مثل هذه الألعاب للقمار، ولهذا ولغيرها من الأسباب، تقوم إدارة السّجن بعمليّات تفتيش دوريّة وأخرى فجئيّة، كما تكلّف عنصر أو عنصرين من المساجين لرصد مثل هذه الممارسات بهدف الحدّ منها ومن تبعاتها، وفي صورة ضبط أحد متلبّس تتمّ معاقبته، وفق تعبيره.
تجاوزات بنسب
ضئيلة جدّا
أمّا بالنسبة لرأي ألفة العيّاري رئيسة نقابة إقليم السّجون والإصلاح بخصوص هذا الموضوع، فقد قالت في تصريح لـ "الإخباريّة" أنّ مثل هذه التّجاوزات يمكن أن تحصل، لكن بنسب ضئيلة جدّا، مبرزة أنّ مثل هذه الحالات وقعت سابقا وتمّت معاقبة المخالفين وانتهى الأمر، مضيفة أنّ هذه التّجاوزات تحصل في الغرف ليلا وغالبا يكون سببها الاكتظاظ، غير أنّ السّجون حصلت فيها فجوة وتراجع عدد المساجين، الشّيء الذي جعل من حدوث هذه التّجاوزات أمر شبه معدوم على حدّ تعبيرها.
وأوضحت محدّثتنا أنّ سجن المرناقيّة مثلا من المستحيل أن تحدث فيه مثل هذه التّجاوزات (لم تسجّل فيه أيّ حالة من هذا النّوع)، حيث أنّ الرّقابة تسلّط على المساجين بنسبة 100% من قبل الإدارة والتّفقّديّة و إرشاد السّجون. وعن القمار في السّجون، نفت محدّثتنا حصول مثل هذه الممارسات، مشيرة إلى أنّ السّجناء يلعبون أثناء النّهار، في نادي مخصّص للعب تحت أعين الأعوان ويمنع منعا باتّا اللّعب داخل الغرف أو الأجنحة.

 
للتعليق علي الموضوع




غرد لأصحابك في تويتر :)

شارك عبر جوجل بلس ;)


شير علي الفيس بوك ( )

علي تويتر
علي الفيس

تونس للصحافة و الاعلام كل الحقوق محفوظة لعام 2014