الترفيع في سن التقاعد الى 62 سنة :الوزير ينفخ الروح في سياسات بن علي -بقلم محجوب النصيبي



الترفيع في سن التقاعد الى 62 سنة :الوزير ينفخ الروح في سياسات بن علي -بقلم محجوب النصيبي(سيدي بوزيد)

شهران مرّا على  حكومة مهدي جمعة  بين  ذام لها مطلق عليها "حكومة السفارات' و بين مادح لها مسبغ عليها حكومة التوافقات...و منذ تشكلها اثارت  عاصفة من الانتقادات خاصة في ما اتصل  بتصريحات رئيس الحكومة حول الوضع الاقتصادي  و اكتفائه بالتشخيص دون تقديم العلاج و قصره التشخيص على الجانب المالي دون الحديث عن الوضع الاقتصاي العام ...و لم تكد تلك العاصفة تخبو حتى عادت من جديد مع ما سمي صيحة فزع اطلقها وزير الشؤون الاجتماعية السيد  عمار الينباعي و تأكيده أن  لا مفر من اقرار الترفيع في سن التقاعد الى 62 سنة بداية من سنة 2015  مضيفا " أن عجز الصناديق الاجتماعية سيبلغ 400 مليار وهو رقم مفزع ومخيف ويهدد مصيرها واستمراريتها." داعيا الى تدخّل   جميع الأطراف المهنية الممضية على العقد الاجتماعي عبر احداث وتفعيل لجنة الحماية الاجتماعية المكلّفة بالنظر في مسائل الضمان الاجتماعي لدراسة  سبل وقف استمرار ما وصفه بالنزيف المستمرّ في الصناديق الاجتماعية  إرساء لمنظومة دائمة قادرة لخدمة الأجيال القادمة.
السيد عمار الينياعي الذي شغل منصب مدير عام مكلف بمهمة بديوان وزير الشؤون الإجتماعية منذ 2005 بدا في صيحته هذه كأنه لم يكن على علم بأن هذه الكارثة قد تم تداولها منذ 2005  و نبه اليها الاتحاد العام التونسي للشغل  في دراسة له  تحت عنوان: صناديق الضمان الاجتماعي في تونس: الواقع والآفاق  صدرت في ديسمبر 2005 ...وكأنه لم يعلم بان هذا الحديث عاد للتداول بعد اتفاقيّات الزّيادة في أجور الموظّفين النّشيطين في القطاعين العام والخاص، و بعد  تنفيل هذه الزيادات في منح التّقاعد، وهو ما يراه البعض سببا   في  ارتفاع في حجم نفقات الصّندوق الوطني للتّقاعد والحيطة الاجتماعيّة.  بل ان السيد الوزير لم يصل الى سمعه أن هذا المشروع قد تم العدول عليه سنة 2011 بعد رفض القواعد النقابية و العمالة له و تدعم ذلك بثورة 17 ديسمبر
الارقام المسجلة سنة 2005  في الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية  وفي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تكشف  فائضا مسجلا في   المالية العامة للصناديق الاجتماعية لسنوات 2002 و2003 و 2004
الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية 
 2002   فائض بـ 310,49 مليار
2003   فائض بـ767,1 مليار
2004   فائض بـ  384,11 مليار
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
2003  فائض ب005,120 مليار
2004  فائض بـ  ب736,43 مليار
ليسجل سنة 2005 عجزا
الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية 
2005   عجز ب030,26 مليار
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
2005 عجز  بـ 014,9 مليار
و التحسن الملحوظ نسبيا  للمالية العامة قبل 2005 ليس عائدا الى حسن التصرف و الادارة بل هو عائد في شق كبير منها اني  إلى قرار  الترفيع التدرجي في إشتراكات القطاع العمومي بعنوان أنظمة التقاعد إبتداء من غرّة جويلية 2002 ب 5,2 %  و كالعادة  1في المائة منها  على كاهل الأجير
هذا الترفيع لم يكن الوحيد حيث تم الترفيع اكثر من مرة:
1)    سنة سنة 1994 الترفيع  ب 2,2 ( 2,1 على كاهل المؤجر و 1 % على كاهل الأجير)
2)    في جويلية 2002 ب 5,2 % (5,1 على كاهل المؤجر و 1 على كاهل الأجير)
3)    سنة 2007 الترفيع بـ ب3 %
و رغم هذا الترفيع فان التوازنات المالية العامة للصندوق تفاقم عجزها  مما انعكس أنظمة التقاعد تتسبب بدرجة كبيرة في اختلال هذه التوازنات خاصة و ان الدولة لم تسع لايجاد حلول جذرية لمشكلة هيكلية بل انها قامت بسداد عجزمزمن في  نظام الأجراء في القطاع الفلاحي وخاصة نظام المستقلين في القطاع الفلاحي  منذ إحداثهما (اكثر من 30  سنة)  بمعدل 25 مليار سنويا من موارد وفوائض نظام الأجراء غير الفلاحيين  مسيئة توظيف  الطبيعة التضامنية التي  يقوم عليها النظام التوزيعي مما جعل عديد الأنظمة تعيش  على كاهل نظام واحد .
و رغم  ارتفاع نسبة التغطية الاجتماعية في تونس  لتناهز 89 % سنة 2005  مقابل 04,77 % سنة 1996 إلاّ أن توسيع مظلة الضمان الاجتماعي طرح اشكاليات جوهرية كبرى  خاصة في ظل ضعف القدرة التمويلية لعديد الفئات  والشرائح الاجتماعية والمهنية  خاصة في  نظام الأجراء محدودي الدخل من عملة منازل وحضائر، نظام المبدعين والمثقفين المستقلين.. وبسبب عدم ايفاء الكثير منهم بالتزاماتهم رغم تمتعهم بخدمات التغطية

ان صيحة الفزع هذه لم تكن الا ذرا للرماد على العيون و بحثا عن حل سهل دون كشف الاسباب الحقيقية و العوامل المشتركة التي ادت الى حالة العجز و الانهيار و من باب تذكير السيد المدير العام السابق المكلف بمهمة بديوان وزير الشؤون الاجتماعية و الوزير الحالي يمكن حصر اسباب الازمة الهيكلية للصناديق و انخرام التوازنات المالية للضمان الاجتماعي في:
1)     توسيع مظلة الضمان الاجتماعي  لكل الفئات والشرائح الاجتماعية والمهنية  ذات قدرة تمويلية ضعيفة و استحداث نظام الأجراء محدودي الدخل من عملة منازل وحضائر، نظام المبدعين والمثقفين المستقلين..الخ
2)    النقص في التصريح في أنظمة الأجراء وخاصة في أنظمة المستقلين.
3)    لديون المتراكمة لفائدة الضمان الاجتماعي جزء هام منها اصبح  غير قابل للإستخلاص خاصة في القطاع الخاص بسبب الإفلاس او اندثار المؤسسة نفسها و غيرها من الأسباب.
4)    تصرف غير رشيد في فوائض الأنظمة والاحتياطات المالية من حيث التوظيفات والإستثمارات وهو ما حرم صناديق الضمان الاجتماعي من عائدات مالية هامة
5)    تحميل الضمان الاجتماعي أعباء ومهام جديدة تخرج عن مهامه الأساسية  لفائدة المنخرطين أو  لغير المنخرطين من الفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات الخصوصية (خلط الضمان بالتضامن)
6)    المصاريف الطائلة التي انفقت على المبنى الرئيسي و المراكز الجهوية و المصاريف المثق لة التي تدفع على حساب الاجراء للمدراء و الامتيازات الكبرى التي يتمتعون بها
كما ان التهرب من دفع نسبة المساهمة في التغطية يمثل من اهم الاسباب المباشرة لازمة الصناديق الاجتماعية وهو ما تتحرج الحكومة في الاشارة اليه خاصة و انه قد يطال شخصيات و شركات نافذة تحايلت "بالقانون" للتخلّص من واجباتها
السيد وزير الشؤون الاجتماعية حاول رفع الصوت عاليا في غير مكانه اذ كان عليه ان يصارح التونسيين خاصة الاجراء انه عاجز هو و حكومته على استرداد اموال و ديون مستحقة لفائدة صناديق الضمان الاجتماعي و نذكره ان كان ناسيا ان هذه المستحقات حتى نهاية سنة 2009 قد بلغت 1983.4 مليون دينار موزعة كالتالي
-          1750 مليون دينار بالنسبة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منها 488 مليون دينار توظيفات حتمية و372 مليون دينار تتعلق بغير الناشطين (مجمدين أو مشطوبين)
-         165.4 مليون دينار ديون مجدولة
-          233.4 مليون دينار بالنسبة إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.
و كان عليه قبل ان يقتفي خطوات النظام الذي كان فيه مديرا  عاما مكلف بمهمة بتحميل الاجراء مسؤولية افلاس الصناديق و يدعو الى الترفيع في السن القانونية الى 62 سنة كان عليه ان يسترجع الاموال التي نهبت و تنهب بذرائع مختلفة  و بطرق لم تعد خافية ...
و حتى يتنبه التونسيون فان هذا الترفيع ان قدر له ان يمرّ ليس الا خطوة متبوعة بخطوتين لا غنى عنهما وهي الترفيع في نسبة مساهمة الاجير والتخفيض في جراية التقاعد....وهو مشروع النظام النوفمبري لاصلاح الصناديق الذي رفضه الاجراء بشدة و رفعوا في نوفمبر 2010 شعار" يا مواطن فيق فيق سرقوا اموال الصناديق"...ليصح القول :بن علي في السعودية و العصابة هي هي"

 
للتعليق علي الموضوع




غرد لأصحابك في تويتر :)

شارك عبر جوجل بلس ;)


شير علي الفيس بوك ( )

علي تويتر
علي الفيس

تونس للصحافة و الاعلام كل الحقوق محفوظة لعام 2014