في غيبة كرامة "الشعب": صندوق الكرامة "مدفن جديد"
في غيبة كرامة "الشعب": صندوق الكرامة "مدفن جديد" بقلم محجوب النصيبي سيدي بوزيد
أثارت
مسألة التعويض المادي و جبر الضرر المادي ردود فعل متباينة بين ناقد و
رافض و منتصر و بلغت حد تبادل الاتهامات بين الطرفين وصلت حد اتهام انصار
صندوق الكرامة المحدث في قانون الميزانية 2014 لجموع التونسيين بانهم صمتوا
و رضوا حياة الكرامة و الترف و لم يدافعوا و لم يدفعوا عن المتضررين
الانتهاكات مزايدين بأن ليلة واحدة في السجن و التعذيب لا تعوضها كل الدنيا
ليرد عليهم الرافضون له بسؤال" بقداش الكيلو نضال؟؟"ملوّحين بان امر
التنازع و الصراع بين الاستبداد و الاحزاب التي تضرر منتسبوها لم يكن صراعا
لمصلحة المواطن و الوطن بل كان لمصلحة تلك الاحزاب و غايتها في الوصول الى
السلطة
و ايا كانت الحجج و الحجج المضادة فان هناك معطيات لابد من التوقف عندها هي:
1) الصراع بين النهضة و بن علي كان صراعا للوصول الى الحكم لفرض بديل
قسري على المجتمع انطلاقا من رؤية ان الحاكم هو من يصوغ السياسات و يشكل
المجتمع كيف يشاء وهي طبيعة تلك المرحلة من سيطرة الحزب الواحد و الفكر
الشمولي فمن الطبيعي ان تجد من يعتبر ذلك مراكمة حزبية لمصلحة حزبية
2)
ان المتضررين من الاستبداد النوفمبري و ضحايا الانتهاكات لم تقتصر على
الاحزاب بل تجاوزتهم الى عائلاتهم و اقاربهم و كل من يمد يدا لمساعدتهم
3)ان
جزءا من المتضررين المسؤول عن ضرره ليست الدولة بل تصفية حسابات شخصية
قبلية حزبية مصلحية مالية و حتى تجارية والمتورط المباشر فيها اشخاص
استغلوا سلطتهم و نفوذهم او استغلوا جنون الاستبداد و حربه على من استعداهم
ليمرر جملة مشاريعه فكادوا لمن شاؤوا و ادخلوهم السجون
هذه
المعطيات و غيرها يفترض ضرورة ايجاد قانونا للعدالة الانتقالية تتكامل فيه
الاجراءات و تتفاعل فيه الاليات لسد مداخل الافلات من المحاسبة و العقاب من
ناحية و من ناحية ثانية لمنع "تسرّب" اسماء لا صلة لها لا من قريب ولا من
بعيد بالانتهاكات وهي مجموعة لا تزيد عن جملة من الانتهازيين الذين لا
يفوتون فرصا للحصول على المال العام و على التقدير رغم انهم لم يتعرضوا
يوما لذلك
و لتفادي أي خلل قد يلحق الاذى اكثر بمن تأذوا يحتاج هذا البناء الى خطوات لا مفر منها هي
أ_ تحديد الاطار القانوني لذلك(وهو ما تم)
ب_ تحديد جرائم الانتهاكات لحقوق الانسان و عدم قصرها على الحقوق السياسية و المدنية
ج_ تحديد قوائم المتضررين و الاستماع اليهم
د_ تحديد المسؤولين عن ذلك جهات او اشخاص او جهات او جماعات او احزاب او منظمات او دولة
هـ _ تحديد الضرر و حجمه و مدى فداحته و الاثار التي ادى اليها
ومن
ثم يمكن التعاطي مع المسألة لا في اطار التعويض المادي و جبر الضرر
المادي بل في اطار جبر الاضرار المادية و المعنوية بما يتيح تنويع التعويض و
جبر الضرر حتى الادبي...
الا ان ما شاهده التونسيون على شاشات
التلفاز من طرح لصندوق الكرامة وردود الافعال التي بلغت حد تفاجئ وزير
المالية بذلك و التوقيت الذي تم طرح الصندوق فيه (في اخر الليل؟؟) يشي
بامور كثيرة تبعث على الشك و الريبة
و بالعودة الى ما خط في قانون
العدالة الانتقالية و البحث عن جلية امر هذا الصندوق نجد انه في الفصل
الفصل41: يحدث صندوق يطلق عليه صندوق "الكرامة ورد الاعتبار لضحايا
الاستبداد" تضبط طرق تنظيمه و تسييره و تمويله بأمر.
كما نجد ان الفصل 12 قد نص على
" توفر الدولة العناية الفورية والتعويض الوقتي لمن يحتاج إلى ذلك من
الضحايا وخاصة كبار السن والنساء والأطفال والمعوقين وذوي الاحتياجات
الخاصة والمرضى والفئات الهشة دون انتظار صدور القرارات أو الأحكام
المتعلقة بجبر الضرر . توفر الدولة العناية الفورية والتعويض الوقتي لمن
يحتاج إلى ذلك من الضحايا وخاصة كبار السن والنساء والأطفال والمعوقين وذوي
الاحتياجات الخاصة والمرضى والفئات الهشة دون انتظار صدور القرارات أو
الأحكام المتعلقة بجبر الضرر.
و قد غاب عن اصحاب هذا القانون ان
مثل هذا الاجراء يجب ان يشمل كل التونسيين من الشمال الى الجنوب وبنفس
الحجم و بنفس الطريقة خاصة و ان المعاناة عامة و الانتهاكات لحقت بكل
المواطنين في انتظار مزيد التقيق و تحقيق العدالة و جبر الضرر حسب جسامة
الانتهاكات
صاغة الفصل 12 غفلوا عن التعريف المعتمد لقانون العدالة
الانتقالية و " على معنى هذا القانون هي مسار متكامل من الآليات والوسائل
المعتمدة لفهم ومعالجة ماضي انتهاكات حقوق الإنسان بكشف حقيقتها ومساءلة
ومحاسبة المسؤولين عنها وجبر ضرر الضحايا" فلماذا تم فصل المسار الكامل و
تفتيته و تقسيمه؟؟؟و لماذا اختصر مبدأ جبر الضرر في الجانب المالي؟؟لقد
تحوّل الامر الى معاقبة للمجتمع على صمته _وهذا كلام غير دقيق فالمجتمع لم
يصمت_كما ان جبر الضرر ليس امتيازا يمنح صاحبه اولوية التشغيل و اولوية
التشغيل بل وحسب المركز الدولي للعدالة الانتقالية "يسعى جبر الضرر إلى
تحقيق الإعتراف بالأذى الذي تعرّض له ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المنتظمة
ومعالجتها "وهو بهذا المعنى ينطبق على كل التونسيين ممن ساهم نظام
الاستبداد في حرمانهم من حق التعليم و حق العمل و كتم احلامهم بسياسات
اجتماعية و اقتصادية طحنتهم...و مثل هذا الاجراء انما هو مزيد تقسيم
للمجتمع و انتصار اشرائح على حساب البقية بل و اغفال لضحايا الاستبداد و
تحميل لهم وزر السكوت و عدم التصدي للانتهاكات وهو كلام خاطئ ويحاسب الشعب
في شخوص ممثليه لا الشعب ككتل مكونة له ناضلت و تناضل و دافعت وتدافع عن
الحريات والحقوق الاجتماعية و الاقتصادية
هناك من غلبت عليه المواقف
المزاجية السلطوية و الاصرار على توزيع الاتهامات دون اعمال للفكر فالدولة
ت"أخذ على عاتقها واجباً قانونياً بالإعتراف بالإنتهاكات الواسعة لنطاق أو
المنتظمة لحقوق الإنسان ومعالجتها "...في الحالات التي تسببت فيها الدولة
بالإنتهاكات أو لم تحاول جاهدةً تفاديها." و حتى يتحقق ذلك فلابد من كشف
الحقيقة و تحديد المسؤوليات فما اتصل بالدولة فهي ملزمة بجبره وما اتصل
بافراد او جماعات أو هيئات او احزاب او جهات استغلت نفوذها و سلطتها و
علاقاتها فهم ملزمون بجبر الضرر
فهذا الاجراء تسبقه جملة اجراءات تتعلق بتحديد نسبة مسؤولية الدولة و غيرها عما جرى
و
لسنا نعني بذلك ان تتأخر الدولة في مساعدة المتضررين ضحايا الاستبداد بل
ان منطق الدولة و المهمات التي قامت لاجلها هي ان تحقق حاجيات كل مواطنيها
في كل ابواب ضرورات الحياة و ان تضمن كرامة المواطن في كل شبر من تراب
الجمهورية و تتكفل بذلك كل المجموعة الوطنية
ان ضحايا الاستبداد
كلهم يستحقون التعويض و جبر الضرر وان كانت جسامة الانتهاكات تختلف من فرد
الى اخر و الاولى تأمين حياة كل التونسيين و كرامتهم ثم البحث في تعويض
شريحة من ابناء المجتمع و ساعتها يمكن جبر الضرر بعد دراسة الحالات و تحديد
المسؤوليات و محاسبة المسؤولين بذلك لن يولد قيصر جديد خلف كل قيصر يموت

غرد لأصحابك في تويتر :) غرد
شارك عبر جوجل بلس ;)
شير علي الفيس بوك ( )
Follow @tunimedia
