17 ديسمبر2010 ام 14 جانفي2011:تونسنا أم تونسهم

17 ديسمبر2010 ام 14 جانفي2011:تونسنا أم تونسهم
بقلم محجوب النصيبي سيدي بوزيد
(المقال منشور بتاريخ 3 نوفمبر2011 )
قد يتبادر الى الاذهان أن الاختلاف حول التاريخ انما هو مشكلة مفتعلة و عرضية أو جهوية و ان ذلك لا يزيد عن نزعات
و أهواء و انفعالات و تضخّم الذات عند الجهات التي شهدت بداية الحراك النضالي او هذا فعلا ما يراد تسويقه للرأي العام في تونس و الحقيقة ان المسألة اعمق و اشدّ خطورة من ذلك.
فالمطالب التي رفعت منذ 17 ديسمبر اكتنزها شعار واحد و جمّع كل تفصيلاتها وهو شعار "التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق" في هذا الشعار معاني مجمّعة و مختزلة اذ فيه المطلبية الاجتماعية و المطلبية السياسية و المطلبية الأهم الادعاء على الزمرة الحاكمة من اعلى هرمها الى اصغر رتبة في هيكلتها و في كل امتداداتها من الحزب الى الادارات الى القضاء الى أجهزة الدولة الى الوزارات الى الموظفين المتنفذين الى خطوط التماس مع المواطن الى شبكات فساد سرطانية تمسك بالعصب الحي للنظام القائم متمثلا في الجهاز المنظم للسلطة تشلّ حركته و تتحكم في توجهاته ليس لها "رؤوس معروفه" بل لها |تعرقات مكشوفه" لا يمكن انكارها ،ولا دليل على فسادها بل اشاعات ترقى الى درجة اتهام ضمني فصريح يتطلّب من"النيابة العمومية"أو وكالة الجمهورية فتح تحقيق في الغرض و توظيف كل امكاناتها-وكانت من قبل توظفها في محاسبة الناس على افكارهم و اتهامهم في توجهاتهم الفكرية و الدينية- لتحقيق العدالة التي يطالب بها شعبنا لا ان تطلب الادلة و الاثباتات منه
) و كأن شعبنا يمتلك تلك الادلة او له امكانية احضارها للادعاء على الفاسدين ولو طبّق هذا المبدأ لما ثار على نظام بن علي لانه لا يملك دليلا ماديا يدينه( نعم لقد ادعى شعبنا وهو صاحب السيادة و الشرعية على "النظام" و رفع "قضيته" في كل شارع و في كل مدينة ولم يحدد متهمين بالاسماء ،لم يدع فقط على بن علي و عائلته و بعض وزرائه !! بل ادعى على كل الفاسدين وفي كل الجهات بصفتهم و لنقل حتى باسمائهم مستدلا على ذلك بما لمسه و عايشه من فشل ذريع للمنوال التنموي و انعدام فرص التشغيل و من غياب العدالة الاجتماعية و تكدّس الثروة عند قلّة قليلة من المتنفذين ومن الحلول الامنية القمعية التي يلجأ اليه الجهاز الحاكم في كل مشكلة تعترضه، و حتى تتأكّد شرعية مطلبه حزم أمره و نادى باسقاط النظام –لم يناد باسقاط بن علي و عائلته؟؟؟- هنا تظهر الحقيقة عارية بل و تتكشّف اكثر حقيقة مرعبة ابتدأت باعلان يوم 14 جانفي تايخا للثورة "حقيقة مفادها ان النظام و رجالاته و بعد أن رغب شعبنا في محاسبتهم قضائيا رافضا تصفيتهم شعبيا كما حدث في كل الثورات و بعد انغابوا عن المشهد ردحا من الزمن و اختبئوا في"جحورهم" يعودون بفضل مجموعة 14 جانفي اذ انه و منذ هذه اللحظة يتولى الامر من لم يكونوا جزءا من الحراك النضالي ولم يكونوا يوما من الفاعلين الميدانيين وهم تحديدا الذين نزلوا الى الشارع بعد خطاب "يزي من الكرطوش" و ربما بعضهم نزل يوم 13 جانفي في المسيرات التي نظّمها "حزب الفاسدين" فرحا بالتخفيض في الاسعار و جملة القرارات التي نفذها "المدافعون عن انفسهم" وحوّلوها الى اللجان الثلاثة المعروفة بل ان رؤساء اللجان عينهم بن علي )راجعوا خطاب 13 جانفي و القرارات الصادرة( نعم يوم 14 جانفي و بعد ان اطمأن "ثوّار الصالونات و المقاهي و البلاتوهان" على انفسهم و تأكدوا من رحيل بن علي بل هروبه التحقوا بالشعب المطحون و وجدوا بحكم شبكة علاقاتهم الفضاءات الاعلامية وفسحت لهم القنوات المجال ليقولوا ما يشاؤون من الترحم على ارواح الشهداء الى البكاء عليهم قليلا ثم الحديث في كل شيء :كيفية الخروج بتونس من المأزق الثوري؟؟؟هكذا؟؟ لقد فتحت لهم ابواب السماء و نالوا الرضا من الخارج ومن الاخطبوط المنفذ في الداخل ؟؟
فاستغلوا ما لهم من علاقات داخل هذا الجسم المتهاوي للنظام و احتلوا بلاتوهات قنوات تونسية مشبوهة و عوض ان نجد خالد عواينية و الامين بوعزيزي ورضا كارم و بسير حامدي و حسين جوادي و فتحي بالحاج و أمين عبدلي و خالد حفناوي بن عثمان و اسماعيل غربي و علي بوعزيزي و مثلهم كثير من المناضلين في سيدي بوزيد و القصرين و قفصة و جندوبة و مدنين و قابس و توزر و كل المدن الداخلية من الذين قدموا حياتهم ثمنا و كانوا من المطلوبين المصنفين ضمن زمرة المخربين و المتطرفين )و نعلم من ضحى بهم في صفقة مع بن علي( جنبا الى جنب مع المناضلين من ابناء العاصمة و المناطق الساحلية وجدنا وجوها هي جزء من نظام الفساد و الاستبداد وجوه هي صنيعته او شريكته يكفيها ان يصلح النظام بعضا من شأنه و ربما يشركها في الحكم ! كان يكفيها و يرضيها ان يدعوهم بن علي الى مائدة و يقدم لهم أماكن في بلاتوهات اعلامه و لسوف يرضون؟؟؟و بلاتوه ليلة 14 خير شاهد على ذلك و انظروا من كان فيه
هذه الوجوه صاغت بل طبعت و وجّهت الحياة منذ 14 جانفي الى اليوم؟؟هكذا بل و اصرت على ان يكون تاريخ 14 جانفي تاريخ الثورة فقط لانها الاخطبوط الجديد الذي عليه ضمان مستقبل الحكم كما كان و بالتالي تجيير المنجز للنظام لا للشعب
و أردناها ثورة تقطع مع الفساد و الاستبداد بحقبتيه البورقيبية و النوفمبرية بدستورها و قوانينها و تماثيلها و شخوصها و فاعليها فحولها الاخطبوط الحاكم من وراء حجاب الى أحد أمرين كل منهما سمّ قاتل :
فاما تغيير"ديمقراطي" كما تطرحه القوى الاستعمارية و تريده باستحداث هيكلة للنظام بفاعلين من جبة ذلك النظام موالين له راضين مطيعين ملتزمين بما يقرر لهم برنامجهم لا يخرج عن طوع "البيت الابيض"و "الشانزيليزي" يكونون مقبول من الشعب
و اما تعديل سلوك النظام بالضغط علىه و ارهابه و تهديده بكشف الاوراق للرأي العام و طبعا تعديل السلوك ليس لمصلحة الشعب بل ليتواءم و المصالح الحيوية للاروبيين و الامريكان.
و بين هذا و ذاك بين ثوار 17 ديسمبر و ثوريي 14 جانفي،بين صنّاع التاريخ و "صنيعة الغرب" بين الفاعلين الحقيقيين الشجعان في سيدي بوزيد و القصرين و قفصة و بين الانتهازيين العملاء الجدد تتشكل خارطة الغد السياسية لتونس تونس التي حلم بها المغامرون و الشجعان مبرأة من الاستبداد و العمالة و تونس التي يعمل الانتهازيون سلبها دماء ابنائها و "تطعيمها" بحقن تحفف الالم و لا تقضي على السرطان، بين 17 ديسمبر 2010 المحاسبة و فتح ملفات البوليس السياسي و القطع مع الفساد و الفاسدين و 14 جانفي 2011 المصالحة و » الطبطبة « على الفاسدين و التضحية ببعض الرؤوس انقاذا للمتنفذين المستكرشين المتورطين صراع مغلف بديمقراطية وهمية يقوم اساسا على استبعاد سادة انفسهم من الحكم و ادامة الوضع على ماكان عليه منذ 50 سنة فعلى المناطق الداخلية النصرة و المنعة و لصنيعة الغرب الحكم؟؟ اصرارا على استبعاد رجال المرحلة من دائرة اتخاذ القرار ،الواضح ان للثوار شرف الثورة و "للسادة المقربين"الذين خبروا لعبة التسيير لهم الحكم و القيادة
بين تونس شعبنا و تونسهم تاريخ مسلوب ولا عزاء للتونسيين

 
للتعليق علي الموضوع




غرد لأصحابك في تويتر :)

شارك عبر جوجل بلس ;)


شير علي الفيس بوك ( )

علي تويتر
علي الفيس

تونس للصحافة و الاعلام كل الحقوق محفوظة لعام 2014