عن القنوات والمواقع والجرائد التي تدور في فلك حركة النهضة!

منذ عودتها إلى الفعل السياسي ،ربيع العام 2011 , دخلت حركة النهضة في علاقة متشنجة مع الإعلام التونسي،كان الصراع خفيا أول الأمر ليظهر إلى العلن بعد تولي الحركة السلطة خريف العام نفسه، صراع دفع الحركة إلى انتهاج مسلكين للتعامل مع المشهد الإعلامي.
مسلك أول يعتمد تنفير الناس من الإعلام القائم بإلصاق بعض التهم حقا وباطلا به ،ك”إعلام العار” و التهديد من الحين إلى الاخر بالتشهير  بالصحفيين الذين تعاملوا مع نظام بن علي،كما لم تقصر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي في تشويه كل من ينتقد أو ينقد أو حتى يختلف مع حركة النهضة،كما دخلت في صراع مع النقابة الوطنية للصحفيين وماطلت طويلا  في تركيز الهيئة المستقلة للإعلام،هذا مسلك أول.
مسلك ثان،و هو موضوع هذه الورقة،محاولة خلق “شبكة إعلامية بديلة” تدور في فلك الحركة وأفكارها وسياساتها، عبر شبكة غير حزبية بغطاء موضوعي و استقلالية ظاهرية فقط ،هذه المحاولات انطلقت منذ أيقنت الحركة أن محاولاتها كسب الإعلام العمومي إلى جانبها قد فشلت ووصلت الى حد المطالبة في وقت سابق ببيع مؤسسات الإعلام العمومي غير أن مطالبها قد ذهبت إدراج الرياح، فخسارة معركة بيع المؤسسات العمومية ومعركة “دار الصباح” دفعت النهضة إلى مراجعة خطتها في كسب المشهد الإعلامي ليستقر الأمر على خلق شبكة إعلامية تكون بديلا لما هو قائم.
تفكيك المشهد الإعلامي الموالي
و في هذا السياق قامت الحركة و أنصارها من التيار الإسلامي الواسع بتأسيس 6 قنوات فضائية و 6 مواقع الكترونية وثلاثة صحف ورقية و كثير من المجلات الدورية فضلا عن عشرات الصفحات الاجتماعية ،إلى جانب صحيفة الحزب الرسمية “الفجر” وبعض وسائل الإعلام المحلية الأخرى و التي تحولت بعد 14 جانفي2011  إلى صف الحركة (بعضها كان في صف بن علي).
تدعمت ترسانة حركة النهضة الاعلامية بهذا الكم الهائل من وسائل الاعلام الخاصة دون احتساب ترسانة القنوات و المواقع الاخوانية و الإسلامية الفضائية الأجنبية في مصر و دول الخليج العربي التي تخدم اجندتها. في هذا السياق لا يمكننا أن ننسى  شبكة الجزيرة القطرية التي اصبحت تقوم بدور النهضوية بامتياز، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تؤمن شاشة “الجزيرة مباشر” النقل الحي والدائم لأي تحرك شعبي لحركة النهضة منذ مارس 2011.
من بين الست القنوات الفضائية المحلية تونسية سالفة الذكر، هناك من انتماؤها القاطع لحركة النهضة و منها من تدور حولها الشبهات. أولى القنوات النهضوية هي  قناة “الزيتونة” لصاحبها عضو مجلس شورى الحركة و نجل وزير التعليم العالي أسامة بن سالم.
لن يبذل المشاهد كثير عناء في اكتشاف خط قناة الزيتونة التحريري التابع لحركة النهضة بل انه على يمينها في مواضع كثيرة ،أما القناة الثانية المحسوبة على الحركة فهي قناة “المتوسط” التي يشرف عليها، الأستاذ نور الدين عويديدي. لن تجد عناء يذكر في اكتشاف ان القناة التي تعمل تحت غطاء الثورية مخلصة للاجندة النهضويةو لو أنها بشكل اخف من الزيتونة.
في جانب اخر وعلى يمين المتوسط والزيتونة توجد حزمة 3 قنوات دينية و هي “القلم” و “الإنسان” ذواتا التوجه السلفي العلمي المناصر لحركة النهضة والأخيرة يشرف عليها الشيخ بشير بن حسن ، و الثالثة في طريقها إلى البث و هي قناة “الزيتونة هداية” ويملكها صاحب قناة الزيتونة أسامة بن سالم.
على يسار المتوسط والزيتونة نجد “شبكة تونس الإخباريةTNN”. ولئن حاولت القناة مرارا نفي كل التهم الموجهة إليها كونها تابعة لحركة النهضة، فان كل العارفين بالمسؤولين عنها يقولون انها قناة نهضوية بامتياز يديرها أحد النهضوين المخلصين وهو الاستاذ جمال الدلالي.
وبالرغم من هذا الانتماء الواضح لمديرها لخط النهضة تحاول القناة من خلال محتواها الاعتماد على حد ادنى من الموضوعية في تناول الأخبار و حتى البرامج الحوارية.  
ما يكشف اصطفاف شبكة تونس الاخبارية وراء اجندا حركة النهضة ان هذه القناة وراء حركة النهضة حقيقة هو  الدعم الإعلامي و المعنوي الذي تتلقاه من أنصار حركة النهضة على مواقع التواصل الاجتماعي . والانتماءات الحزبية لبعض القائمين عليها و العاملين فيها تجعل الشكوك كثيرة حول خطها التحريري و توجهاتها السياسية.
إلى جانب القنوات الفضائية ،توجد شبكة مهمة من المواقع الالكترونية واضحة الولاء للنهضة منها “موقع زوم تونزيا،موقع الشاهد،موقع البناء نيوز، موقع الصدى،موقع الحقيقة، موقع جريدة الضمير” إلى جانب موقع “باب نات” الذي انتقل بعد 14 جانفي 2011 من نقل أخبار النشاط الرئاسي لزين العابدين بن علي و نشاط الشعب و لجان التنسيق إلى الدفاع الشرس عن حركة النهضة و تشويه خصومها ،أما الصحف الورقية ،فالي جانب صحيفة الحزب الرسمية توجد جريدة الضمير وجريدة الزيتونة.
كما لا يفوتنا التذكير بالدور الذي تقوم به إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم، و التي تحولت الى منبر للتكفير و الدعاية الحزبية، من قبيل ما حدث بين الساعة التاسعة و العاشرة من صباح يوم السبت 13 جويلية 2013 إلى إذاعة الزيتونة حينما انطلق رجل يلقب بداعية إسلامي، كان ضيفا على برنامج صباحي ،و الواضح أنه ضيف دائما و يتلقى مالا مقابل ذلك،انطلق صاحبنا منذ اللحظة الأولى في سرد بعض أقوال أبي الأعلى المودودي ،أحد القيادات التاريخية لجماعات الإسلام السياسي،و فككها بحيث وصل إلى نتيجة بأن كل مسلم يجب أن يكون إسلاميا وحين قاطعه المنشط معترضا قال له : ”إن ما يروجه دعاة الحداثة في تونس أيتام ماركس و لينين من أنهم مسلمون فكلها أكاذيب واهية،المسلم يجب أن يكون إسلاميا و كفى”،ثم ولج إلى ساحة المعارضة التونسية فكفرها كلها عن بكرة أبيها داعيا الناس إلى الوقوف في وجهها و حربها و لو بالدعاء.
الاخطر بالنسبة لاذاعة الزيتونة على خلاف كل وسائل الاعلام النهضوية الانفة الذكر اننا  هنا ليس مع وسيلة إعلام خاصة،لمن أسسها كامل الحق في تطويعها و توجيهها كما شاء، بل نحن  أمام مرفق عمومي يتحول إلى منبر تكفير  وداعية حزبية ،منبر يمول من أموال دافعي الضرائب.
خسارة معركة الاستقلالية و النجاعة
غير أن مسألة استقلالية هذه الحزمة الإعلامية قد سقطت منذ اللحظة الأولى،فالمواطن البسيط اكتشف ميول هذه المؤسسات الإعلامية دون التعمق في خطابها أو عن الانتماءات السياسية للقائمين عليها،و التي تكشف بسهولة الخطوط التحريرية للمؤسسات الوليدة، عامل آخر أفشل مخطط إيهام الناس باستقلالية هذه القنوات و المواقع وهو  الحملة الإعلامية الكبيرة التي تقف وراءها صفحات حركة النهضة على مواقع التواصل الاجتماعي في دعمها ،فلا يذهبن بأحد الظن أن أنصار النهضة على الفايسبوك سيدعمون هكذا لله مؤسسة إعلامية مستقلة،حتى أن الأمر وصل إلى توزيع قصاصات  تحت عنوان “قنوات الحق”، يظهر فيها شعار و تردد  كلّ من “شبكة تونس الإخباريةTNN وقناة المتوسط وقناة الزيتونة و قناة الإنسان و قناة القلم”،نعم هكذا قنوات الحق و ما سواها قنوات الباطل .
و ربما مثال آخر بسيط يحيلك على مدى فشل رهان الاستقلالية لدى هذه المؤسسات،فالحدث المصري الذي القي بثقله على تونس في الأيام الأخيرة استنفر النهضة و توابعها و في هذا السياق تصدت ثلاث من قنوات “حزام الأنصار” -”شبكة تونس الإخباريةTNN وقناة المتوسط وقناة الزيتونة” – لنقل الاعتصام الذي ينفذه أنصار جماعة الإخوان المسلمين في ميدان رابعة العدوية ،بل و عممت الصفحات الرسمية لحركة النهضة صورة تحمل شعار القنوات الثلاث تحت عنوان قناة المتوسط تنقل “شكرا للإعلام الحر الصادق الأمين”.
معركة أخرى فشلت فيها هذه المؤسسات ,غير الاستقلالية ,وهي النجاعة،هل حققت هذه القنوات و المواقع الهدف الذي أنشئت من أجله؟ هل استطاعت التأثير في الرأي العام المحلي و الدولي؟ هل حققت في الحد الأدنى نسب مشاهدة تجعلها ذات دور في توجيه الرأي العام ؟ حتى الساعة، و بالرغم من حرفية بعضها النسيبة تواجه هذه المؤسسات الفشل، فقد كشف أخر تقرير لمؤسسة “سيغما كونساي” المختصة في استطلاعات الرأي والإحصاء  أنها لم ترتق بعد إلى تطلعات المشاهد التونسي ولم تنجح في تحقيق نسبة مشاهدة تصل إلى 1 بالمائة !
حقائق أون لاين ـ أحمد النظيف

Chaine
للتعليق علي الموضوع




غرد لأصحابك في تويتر :)

شارك عبر جوجل بلس ;)


شير علي الفيس بوك ( )

علي تويتر
علي الفيس

تونس للصحافة و الاعلام كل الحقوق محفوظة لعام 2014